Monday, April 20, 2015

جهالة الله وضعفه: الجزء الأول

  
كيف نجرأ أن نتكلم عن جهالة الله وضعفه؟   العنوان يثير الدهشة وربما الغضب والاستغفار.  لكن الغريب هو أنه عنوان من الإنجيل نفسه!

" لأن جهالة الله أحكم من الناس وضعف الله أقوى من الناس" (رسالة كورنثوس الأولى 1: 25)

بالطبع لا يقصد الإنجيل أن الله جاهل أو ضعيف لأنه عكس ذلك تماماً.  إلا أنه استخدم التعبير ليفجر قضية في منتهى الخطورة بدونها لا نستطيع فهم الحياة أو التاريخ أو المسيحية نفسها. 

هذه القضية هي صراع الله مع طبقات من يعتبرون أنسفهم ومن يعتبرهم الآخرون أقوياء وحكماء.  هذا لأنه توجد طبقات في كل زمان ومكان تريد قهر عامة البشر بعلمها (الحقيقي أو المزعوم) وثروتها ومراكزها.  هذه الطبقات مكونة من الحكام السياسيين والعسكريين والاقتصاديين المتحالفين مع رجال الدين والعلماء والإعلاميين لخداع عامة الشعب والتحكم فيهم بهدف التربح والسيطرة العامة.  لا نعني كل الحكام أو كل العلماء أو الإعلاميين أو كل رجال الدين بل معظمهم بغض النظر عن الثقافة أو العصر.    سأحاول شرح هذه الفكرة في سلسلة مدونات تأتي بإثباتات من التاريخ ومن الحاضر ومن الكتاب المقدس وعليك أن تحكم بنفسك بعد التفكير الجيد والاطلاع على الدلائل.

أخطر دليل على هذا الصراع الدائر حول حياة البشرية ومستقبلها ظهر وقت حياة يسوع المسيح على الأرض.  الكل يعلم أن المسيح ولد في أسرة متواضعة وفي مكان حقير للغاية (مزود بقر!)  وكان أول من سمع بخبر ميلاده رعاة غنم.  من الغريب أن خبر ميلاده لم يرسل للملوك أو للعلماء أو للأثرياء أو حتى لرجال الدين وعلماءه بل لأناس ليس لهم أي وضع في نظر هؤلاء الحكام. 

عندما بدأ رسالته انحاز السيد المسيح للفقراء والمنبوذين والمهمشين الذين كانوا يعانون من غطرسة الحكام سواء السياسيين أو الدينيين.  بالتأكيد لم يرفض من جاءه من هؤلاء الحكام بحثاً عن الحقيقة والسلام والعلاقة مع الله.  لكن كان عددهم قليلاً إذ عاداه معظم الحكام لأنه كشف ريائهم وهدد مصالحهم بسبب شعبيته وتعاليمه.

"طوبى للمساكين بالروح، لأن لهم ملكوت السماوات
 طوبى للحزانى، لأنهم يتعزون
طوبى للودعاء، لأنهم يرثون الأرض
طوبى للجياع والعطاش إلى البر، لأنهم يشبعون
طوبى للرحماء، لأنهم يرحمون
طوبى للأنقياء القلب، لأنهم يعاينون الله
طوبى لصانعي السلام، لأنهم أبناء الله يدعون
طوبى للمطرودين من أجل البر، لأن لهم ملكوت السماوات" (متى 5: 3-10)

فتآمر عليه أصحاب القوة والنفوذ حتى أثروا على قطاعات كبيرة من الشعب مثلما يتحكم فينا اليوم إعلام الحكام.  كانت النتيجة ارتكاب أكبر جريمة في تاريخ البشرية.

فكان رد فعل "الإله الضعيف والجاهل" أن يقيم المسيح من الأموات وهكذا أبطل ذكاء ودهاء رؤساء العالم.  فضح حكمة الحكماء وخبث الأقوياء وضعفهم.   سجل التاريخ انهيار القوى التي صلبته في السنين بعد انتصاره الروحي عليهم فلم يكن الأمر مجرد شعار ديني أو خرافة خاصة بالمسيحيين.

إلا أن الصراع مستمر.  فعندما بشر المسيحيون بقوة الله التي ظهرت في القيامة والتي بدأت في انقاذ الناس من الشر واليأس ومن العبودية المعنوية للحكام المتكبرين قامت هذه الفئة بتهديد وتعذيب المبشرين.  هذا لأن هدف الحكام في كل عصر واحد وهو الإبقاء على سيطرتهم على عقول وجيوب الناس دون منافس.

وكانت الكارثة بعد مئات السنين عندما تحالف قادة المسيحية مع رجال القوة والنفوذ ولكن للحديث بقية.

فكر وحلل وإقراء التاريخ والأحداث الحالية من هذه الزاوية: الصراع بين من يريد رفع الأثقال عن البشرية المعذبة ومن يريد ابقاءها.... بين التواضع والكبرياء.... بين الله الحكيم والشيطان الخبيث . . . بين القوة التي تحرر والقوة التي تستعبد.  لا تنسى أن الشر سيقدم دائما أفضل وجهة إعلامية لأقناع البسطاء.   اقرأ كتابك المقدس أيضاً من هذه الزاوية وانظر أن كان الكلام هكذا.

No comments:

Post a Comment