Tuesday, April 21, 2015

ما هو ملكوت الله؟




-ملكوت الله تعبير وارد حوالي 160 مرة في العهد الجديد منهم 51 في متى أي 32% في حين أن متى يمثل أقل من 13% من مساحة العهد الجديد أي أنه مصطلح يستخدمه الوحي على لسان متى بكثافة.  يستخدم أيضاً بكثافة في مرقس ولوقا.

-ملكوت الله، ملكوت السماوات، ملكوت ابن الإنسان كلها مرادفات لو قارنا استخداماتهم في القرائن المختلفة

-التعبير لا يشير لملك الله الأزلي الأبدي بل لبعد تاريخي معين منه.  فملك الله على الكون كله ثابت لكن "ملكوت الله" هو ملكه 

الظاهر في المسيح والمعترف بيه.

ظهر هذا المُلك أولاً في آدم عندما أعطاه الله سلطان على الأرض (تكوين 1: 28) وكان آدم مثال أو ظل للمسيح (رومية 5: 14).  فكان من المفترض أن آدم وأولاده يخضعون لله بكل حب وبالتالي تخضع الأرض لهم للخير والعمار.  لكن للأسف لم يخضع آدم لله والأرض لعنت من أجله (تكوين 3: 17) فحدث خللاً كبيراً في ملكوت الله.

لنستوعب هذا الخلل علينا أن نفكر جيداً فيما حدث وفيما لم يحدث عند تمرد إبليس وسقوط الإنسان.  في الحقيقة لم يهتز ملك الله على الكون ولا لطرفة عين إلا أن الكارثة الحقيقية كانت أن بعض من عباده أساء استخدام الحرية ورفض الخضوع لمُلك الله الحنون.  كانت نتائج التمرد قاسية على من قاموا بها (عقاب وموت) وأيضاً على سمعة الله نفسه.  "إن كنت ملكاً عادلاً ورؤوفاً فلماذا رفضك البشر؟"  

لذلك من أجل محبته ومن أجل اسمه أيضاً يريد الله استرداد ملكه الظاهر والمعترف به.  أجزاء كثيرة من الكتاب المقدس تعلمنا أن دافع إرسالية الله لم يكن فقط محبته لنا بل مجده أيضاً (مثل حزقيال 36: 20-24، مزمور 23: 3، أفسس 1: 6، 12، 14 وشواهد أخرى كثيرة).  فلابد أن يسترد الله البشر حتى يتحرروا من عبودية إبليس ويتمجد هو في انقاذهم وفي ولائهم الجديد له.

علماً بأن للشيطان "ملكوتاً" مضاداً بدأ عندما رفض الخضوع لمُلك الله وأثر على بعض الملائكة وأيضاً البشر لينضموا إليه.  الكتاب يتكلم عن ملكه في عدة مواقع منها متى 12: 25-26.  الشيطان لا يستطيع منافسة الله في ملكه الأزلي لكنه يتنافس معه في المُلك الظاهر (أي في ولاء الناس) ولذلك يبذل قصارى جهده لمنع الناس من الخضوع لمُلك (أو ملكوت) الله.  إذا نجد (كما تكلمنا من قبل) أن هدف إرسالية الله هو أن يأتي بإنسان بار، يسوع المسيح، لهزم الشيطان بولائه الكامل لله (تكوين 3: 15).  أو بكلمات أخرى جاء المسيح ليسترد مُلك الله على البشر الذي ظهر أولاً في سيادة آدم (لاحظ أن مزمور 8 يشير لآدم أولاً ثم للمسيح).  مهد الله لهذا المُلك في العهد القديم فكانت مملكة داود صورة أو ظل لها.  نجد في 2 أخبار 9: 8 أن مملكة داود وسليمان كانت مملكة الله.

علم الشيطان ببعض المعلومات عن هذا المخطط فحاول جهدا تعطيله قبل الميلاد وعندما ولد المسيح فعلياً حاول القضاء عليه سريعاً (متى 2).  عندما فشل في بيت لحم حاول أن يهزمه مرة أخرى في البرية (متى 4) فكانت نصرة المسيح عليه بالطاعة والولاء هامة للغاية وضرورية لاستعادة ملكوت الله وتدمير المُلك المضاد. أي أن المسيح بالطاعة استرد مُلك آدم الذي ضاع بالعصيان.   لو كان الله استخدم القوة الجبرية في تدمير الشيطان واسترداد الملكوت لكانت النتائج على النحو التالي:

·         "أنت لم تجد أحد يتبعك فدمرت المنافسة بالقوة!"
·         وإن كان فعل هذا لكان اغلق الباب على استرداد (خلاص) البشر لأنهم كانوا يدمرون هم أيضاً مع الشيطان
لكن بر يسوع المسيح صار السلاح الذي من خلاله هزم الشيطان شرعياً واسترد الملكوت وبنفس البر نجد الخلاص (متى 3: 15).  فور انتصاره في البرية على الشيطان بدأ المسيح يكرز ويقول: "توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السماوات" (متى 4: 17).  يمكننا أن نفسر هذا القول بالآتي: "قد بدأ الله فعلياً في هزم الشيطان والخطية وهكذا من خلالي يعيد ملكوته المنهوب ويريد أن يستردكم إليه.... فارجعوا إليه!".  فكان المسيح يعلن "بشارة الملكوت" (متى 4: 23) أي الأخبار السارة أن الله يريد خلاص شعبه وهزيمة أعداءه المتمثلين في الشر والشرير والأشرار كل في الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة.   وكانت معجزات الشفاء علامة أن الملكوت (التحرير) قد بدأ فعلياً (متى 4: 23-25 لاحظ تتطور وترابط الأحداث في متى 4). وكانت معجزات طرد الشياطين علامة أخرى قوية أن الشيطان مهزوم وأن الملكوت قد حل: "إن كنت أنا بروح الله أُخرج الشياطين، فقد أقبل عليكم ملكوت الله!" (متى 12: 28).

ملك الملكوت هي يسوع نفسه ولذلك نُسب الملكوت له تحت تعبير "ملكوت ابن الإنسان" (متى 12: 41 وعدة شواهد أخرى). كان لابد أن يُمسح كما مُسح داود والملوك الآخرين الذين كانوا ظلال له.   تمت مسحته من الآب عن طريق الروح القدس أثناء تعميده (متى 3: 16-17، أعمال 10: 37-38).  لكن كما كان الحال مع داود أبيه لم يجلس المسيح مباشرة على كرسيه بل عانى على يد قادة إسرائيل مثلما عانى داود من شاول لمدة سنين. 

متى جلس يسوع على كرسيه؟  جلس على كرسيه بعد تتميم مشيئة الآب وموته من أجلنا وقيامته فلما صعد قال له الآب: "اجلس عن يميني حتى أضع أعدائك موطئاً لقدميك" (مزمور 110: 1، متى 22: 44، أعمال 2: 34، الخ).  أشار يسوع لهذا في مقدمة المأمورية العظمى ("دُفع إلى كل سلطان في السماء وعلى الأرض" متى 28: 18) وبهذا يعلمنا أن أساس خدمتنا وضمان نجاحها هو سلطانه الملوكي الذي اكتسبه ببره واطاعته ورسالتنا هي رسالة ملكوته (ملكه، مجده) هو.

أثناء ملكه الحالي من السماء هو يدير انتشار الإنجيل عالمياً ويبني كنيسته.   الأجزاء الآتية في متى تؤكد أن بعد جلوسه على الكرسي هو يعمل لامتداد الملكوت الآن مثلما فعل داود بعد الجلوس على العرش في حبرون (2 صم 2: 4) —أي أنه توجد مقاومة حتى بعد الجلوس على العرش لابد من اخمادها قبل اكتمال المُلك (متى 22: 44).

·         من أمثال الملكوت
o         مثل الزارع الذي يعلمنا أن الملكوت ينمو من خلال انتشار رسالته (متى 13: 11، 18-23)
o        مثل القمح والزوان يظهر لنا أن "العدو" مازال فعال حتى بعد تأسيس الملكوت وأنه لابد من وجود الزوان إلى وقت الحصاد عند عودة المسيح (متى 13: 24-30).  نرى في تفسير المثل أن الحنطة هم "بنو الملكوت" والزوان هو "بنو الشرير" وأن الجمع الأخير هو عبارة عن تنقية ملكوته من جميع المعاثر وفاعلي الإثم (متى 13: 36-43).  معنى مثل الشبكة قريب من نفس الفكرة (متى 13: 47-50)
o        مثل الخميرة وحبة الخردل (متى 13: 31-33) يعلمان أن الملكوت ينمو حاليا بطريقة بطيئة وخفية وهذا عكس توقع اليهود الذين كانوا ينتظرون ظهورا فجائيا للملكوت (لوقا 19: 11)
o        مثل الكنز واللؤلؤة والشبكة يصوران الملكوت كأمر مخفي في هذا العصر نحتاج أن نبحث عنه ونقتنيه مهما كانت التكلفة (متى 13: 44-46)

·         يعلمنا في متى 16: 18-19 أن الكنيسة ستنتصر على أبواب الجحيم وقد أعطي لقادتها "مفاتيح الملكوت".  الفعل "ابني" مستقبل في الأصل فعملية بناء الكنيسة بدأت بعد صعوده وجلوسه على كرسيه.  (معنى مفاتيح الملكوت سندرسه فيما بعد).

·         متى 24: 14 تعلمنا بوضوح أن الكرازة "ببشارة الملكوت هذه" لابد أن تتم في كل المسكونة شهادة لجميع الأمم قبل المنتهى الذي هو مجيئه الثاني.

ماذا يحدث في مجيئه الثاني؟  ستكون الكرازة قد كملت وسيظهر هو ليستعلن ملكه أمام الجميع وينهي عمل الشيطان والمقاومة المتبقية.  فالملكوت الذي تأسس في المجيء الأول وامتد أثناء العصر الحالي سيكون قد وصل لذروته.   الملكوت المخفي الآن سيظهر في كل مجده.  هذا هو تعليم خطابه الخامس في متى (ص 24-25) وأيضاً شواهد أخرى مثل 2 تسالونيكي 2: 8، 2 تيموثاوس 4: 1، رؤية 11: 15). 

في الصلاة الربانية علمنا أن نطلب "ليأتي ملكوتك، لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض" (متى 6: 10).  نحن نصلي من أجل انتشار الكرازة وبناء الكنيسة وسرعة ظهور الملكوت في مرحلته النهائية.

فبداية الملكوت كانت عند خلق آدم (تكوين 1: 28)
لكن الخطية اجهضته
إلا أن الله أعلن خطة لاسترداده في بيت داود الذي هو من نسل إبراهيم ونسل آدم
جاء المسيح وأسس الملكوت فعليا بحياته وموته وقيامته وصعوده
ويكمله الآن بقوة الروح القدس من خلال المأمورية العظمى وبناء جسده

حتى يظهر في شكله النهائي في مجيئه الثاني

No comments:

Post a Comment