Wednesday, September 6, 2017

الغنوسية الجزء الثالث: المرأة والحية في الغنوسية


رأينا في المقالات الأخرى عن الغنوسية مدى تطرف الغنوسية في رفض الوهية المسيح ووحي أجزاء كبيرة من الكتاب المقدس.  إنها حركة تزعم "المعرفة" السرية (الغنوسس) وتلغي دور الإيمان والخلاص فهي حركة لا تنتمي اطلاقاً للمسيحية رغم إنها تسختخدم بعض الشخصيات المذكورة في الكتاب المقدس في أساطيرها.

في هذا المقال نتعمق أكثر في خرافات الغنوسية الخطيرة خاصة فيما يختص بما حدث في جنة عدن.   بحسب الغنوسيين المرأة لم تخطأ في البداية بل هي التي حررت البشرية من بطش الإله الشرير الذي خلقهم!  لقد قلنا في المقال الأول أن الغنوسية تعتبر إله العهد القديم إله شرير أو جاهل وقد حبس أبوينا في الجنة وفي العالم المادي لكي لا يتقدما في المعرفة.  فما فعلته المرأة كانت خطوة إلى الأمام!  ما هو أغرب من ذلك أن الغنوسية وصلت لأقصى مستويات التدني عندما زعمت أن الحية هي الإله الحقيقي!  في "الكتاب السري ليوحنا" ((Apocryphon of John وهو كتاب غنوسي مكتوب في القرن الثاني الميلادي وقد تم اكتشافه في مكتبة نجع حمادي الغنوسية يقول "المسيح" أنه هو الذي جعل أبوينا يأكلان من شجرة معرفة الخير والشر! الله هو الشر والشر هو الله!

في ضوء هذه الخرافات القاتلة نجد أن عدداَ من النساء لعبنا دوراً قيادياً في الحركات الغنوسية في القرون الأولى وقد استخدمت حركة تحرير المرأة المتطرفة الغنوسية كسند لها في زمننا.  نعني بكلمة "المتطرفة" لا النشطاء المطالبون بحقوق المرأة المشروعة بل هؤلاء الذين يرون أن المرأة متفوقة على الرجل وهي رجاء العالم.  هذه المبالغات تأتي نتيجة تعليم أسطوري خطير.
 
في هذا الشأن نذكر أمرين هامين.  اعتقد قادة الكنيسة الأوائل أن سيمون الساحر المذكور في أعمال 8 هو من قادة الغنوسية الأوائل. هو من السامرة وسعي لشراء سلطان الرسل بالمال مما جعل الرسول بطرس يوبخه.  تقول كتابات الأباء من القرن الثاني أنه غضب وذهب لروما بعد ذلك وارتبط بسيدة سيئة السمعة اسمها "هيلن" وأدعى أنه ظهر للسامريين كالآب ولليهود كالابن وللأمم الأخرى كالروح القدس.  أدعى أن هيلن هي قوة الله الخلاقة وشجع على ممارسات غير أخلاقية مثله كثير من الغنوسيين.

الأمر الثاني الخاص بنظرة الغنوسية بالمرأة يتعلق بمريم المجدلية.  يقول الإنجيل أن المسيح كان قد أخرج منها شياطين وأنها خدمته بعد ذلك مع نساء أخريات.  يقول البشيرون أنها أول من رأى المسيح بعد قيامته من الأموات وفي ذلك تكريم لها وللمرأة عامة.  إلا أن الغنوسية تطرفت في نظرتها لمريم فزعموا أن المسيح أحبها أكثر من الرسل وهي من يمتلك "الصوفيا" (الحكمة السرية) وتعلنه لهم.  ظن الغنوسيون في خرافاتهم أنها في نزاع مع بطرس وكتبوا ذلك في "أناجيلهم" المنحولة مثل ما يسمى "إنجيل فيلبس" و "إنجيل توما".   في هذه الكتابات وغيرها تخيلوا أن المسيح هو آدم الجديد (فكرة نجد مثلها في العهد الجديد لكن من منطلق مختلف) ومريم حواء الجديدة وهم يقودان الجنس البشري للمعرفة الغنوسية السرية.

في ختام هذا المقال نود أن ننبه القارئ أن هذه الخرافات مازالت تؤثر علينا.  الأخطاء لا تموت بل تأخذ أشكال مختلفة.  ففي "الكتاب السري ليوحنا" وهو كما قلنا كتاب غنوسي من القرن الثاني يوجد الإدعاء أن الثالوث هو أب وأم وابن.   للآسف تبنت حركات دينية كبيرة هذه الفكرة المغلوطة وتنشرها على أنها فكر المسيحية حتى الآن رغم تعليم الكتاب المقدس الواضح أن الإله الواحد هو الآب والابن والروح القدس.  الفيلم الحديث Maleficent شبه الشيطان بمرأة (Angelina Jolie) وانتهي بنصرتها على الملك الذي غالباً يشير للمسيح. طوال الفيلم هناك محاولة لاقناعنا أن الشيطان هو الله وهو على حق! كل هذه ما هي إلا محاولات الحية (الشيطان) لتضليل الناس وابعادهم عن محبة الله التي ظهرت في المسيح بل وتصويرها في اسوء ضوء لتدميرها.  لكن كلمة الله باقية للأبد وللحديث بقية!