Monday, April 20, 2015

لماذا خلقني الله؟

الإنسان تاج الخليقة صنعه الله بعدما أعد له مكان مناسب ولائق الا وهو الأرض بكل روائعها.  لم يتشاور الله مع نفسه في خلق أي كائن أو شيء آخر كما فعل في خلق الإنسان.  "وقال الله: نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا فيتسلطون علي سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم وعلى كل الأرض وعلى جميع الدبابات التي تدب على الأرض" (تكوين 1: 26).  هذا التشاور واستخدام صيغة الجمع يمثلان تلميحاً مبكراً على الوحدانية الجامعة في الله.  في المقال عن الثالوث رأينا تلميحاً أولياً في الآيات الأولى من تكوين 1 حيث يقول الوحي أن الله خلق الكون عن طريق كلمته (الابن) وعن طريق الروح القدس.  لذلك ليس غريباً أن نرى تلميحاً آخر في خلق الإنسان.

إذا في ضوء العهد الجديد نستطيع أن نقول إن الآب تشاور مع الابن في خلق الإنسان.  هذا لأنه كان معروفاً عند الله منذ البداية أن الابن سيصير إنساناً في ملء الزمان (1 بطرس 1: 19-20).   فكان تصميم الطبيعة البشرية منذ البدء لائق بأن يحل فيها ابن الله!  يمكننا أن نعبر عن الحقيقة بطريقة أخرى ونقول إن البشرية صُممت لتكون على صورة الابن.  هذا لأن الكتاب يقول إن آدم هو "مثال" المسيح أي أنه شبهه لا في الشكل الخارجي لكن في الطبيعة والدور (رومية 5: 14).  من عظمة محبة الآب لابنه أنه خلق البشرية لتكون على صورته الجميلة.  يقول الرسول بولس أكثر من ذلك في كولوسي 1: 16 حيث يعلن أن الكون خُلق من أجل يسوع المسيح!

هذه الصورة التي خُلقنا عليها اشتملت عدة عناصر نستطيع أن نسرد منهم الآتي:

1.      خُلق الإنسان ليملك على الأرض وهذا واضح من قصة الخلق نفسها (تكوين 1: 26-28).  أخضع الله كل الكائنات الأرضية له وكانت مهمته أن يُعمر الأرض ليخرج منها الخيرات لصالح البشرية.  أوصاه الله أن يثمر ويكثر ويملأ الأرض حتى قبل الخطية فكان بإمكانه أن ينجب منذ البدء.  وضعه الله على الأرض كسفير له لكي يقوم بعمل ملوكي مثمر لمجد الخالق نفسه.  يمكننا القول إن الله أراد أن يحكم الأرض من خلاله!

2.      لكي يقوم بهذا العمل أعطاه الله إمكانيات شخصية هائلة لم تُعطى لباقي المخلوقات الأرضية مثل القدرة على التفكير والابداع والتواصل. لولا هذه الصفات لكان الإنسان بلا حضارة مثل الحيوانات.

3.      أُعطي آدم وحواء أيضاً إمكانية الحياة الصالحة البارة.   لم يُخلق الإنسان بالخطية لكن بإرادة حرة قادرة أن تستمر في حياة الإيمان والصلاح.

4.      كل هذا أعطى الإنسان – كل إنسان – قيمة عظيمة.  لحياة الإنسان قدسية في أعين الله يجعل قتله أو حتى سبه جريمة كبيرة (تكوين 9: 5-6، يعقوب 3: 9-10).

بدأ آدم عمله على الأرض بدور علمي وسيادي في تسمية الحيوانات والتي شملت دراسة وفحص لأن عملية التسمية لم تكن عشوائية بل مدروسة (تكوين 2: 19-20 هناك ربط في العهد القديم بين الاسم والمسمى فالاسم يعبر عن طبيعة المسمى).  الكتاب المقدس يقول إن آدم هو الذي أعطى أسماء للحيوانات ولم يحتاج أن يسمعها من الله كما يقول البعض.  هكذا نرى إن الإنسان كائن مرتفع ومسؤول ومؤتمن على عمل إلهي عظيم على الأرض.

كانت الخليقة كلها حسنة جداً قبل سقوط الإنسان (تكوين 1: 31) ومع ذلك فأعد الله أجمل وأنسب مكان على الأرض ليُسكن فيه آدم وحواء.  لا نعلم بالتأكيد أين كانت الجنة لأن معالم الأرض تغيرت وقت الطوفان ولا نعلم متى حدث كل هذا. الكتاب المقدس لا يعطينا طريقة لمعرفة عمر الأرض أو الإنسان.   ما نعلمه إن الجنة كانت على الأرض وكانت تمثل مقره والعاصمة التي كان يملك منها.  كانت أيضاً مكان سُكنى الله معه (تكوين 3: 8).

من محبة الله للإنسان أعطى له معين مثله: المرأة!  فهي مخلوقة منه لتكمله لكنها أيضاً مخلوقة على صورة الله ولا تنقص عنه شيئاً في الذكاء والأبداع أو الإيمان.  صحيح دورها مختلف في الأسرة والمجتمع لكنه لا يقل في القيمة والأهمية عن دور الرجل لأنهما يكملان بعضهما البعض (1 كورنثوس 11: 11-12).  المرأة تخضع للرجل كما يخضع المسيح للآب (1 كورنثوس 11: 2).  وقد صمم الله الزواج بين رجل واحد وامرأة واحدة ليمثل العلاقة بين المسيح والكنيسة (أفسس 5: 22-33) فالرجل مطالب أن يحب زوجته كما أحب المسيح الكنيسة والزوجة تخضع نفسها للزوج في إطار نفس المحبة.  إذا عيشنا مبادئ الكتاب المقدس التي تعطي قدسية للرجل والمرأة سنتلاشى كثير من المتاعب النفسية والاجتماعية التي تلحق بالذين يجهلونها أو يتجاهلونها.
 نلخص ونختم هذا المقال بسؤال هام: "لماذا خلقنا الله"؟

1.       خلقنا لكي نعرفه هو شخصياً والمعرفة هي المحبة والارتباط والحياة معاً (قارن 4: 1).  كل ما يتكلم عنه الكتاب المقدس من ثقة وتلذذ وخضوع وعبادة لله كان مقصوداً من الأول.  مبدأ أن "تحب الرب إلهك من كل قلبك وقريبك كنفسك" هو تلخيص ما يطلبه الله من الإنسان في كل عصر. . . أنه طالب الاستجابة لمحبته التي ستقودنا لوحدة بيننا وبينه.

2.      من أهداف الخلق كما قلنا من قبل تعمير الأرض (1: 28) وهذا يشمل تمتعنا بالخلائق الأخرى وبالعلاقات بيننا كبشر وبناء حضارة قائمة على المحبة والعدل ولا على الاستبداد والظلم.  إذا المسيحية لا تهتم بالروحيات فقط بل أيضاً بحياة البشر على الأرض ومن أهدافها الارتقاء بها.  (هذا لا يعني أن المسيحية تريد حُكم العالم لأن المسيح رفض هذا المبدأ في متى 26: 50-52، يوحنا 18: 36.  قارن أيضاً تعليمات الرسل للخضوع للحكومات البشرية في رومية 13: 1-7، 1 بطرس 2: 13-17).

3.      خلقنا الله لأنه سُر بذلك أي رغب وتلذذ في ذلك!  أو بأسلوب آخر خلق الكون والإنسان للذة المسيح ومجده (أمثال 8: 30-31، مزمور 2: 8، متى 28: 18).  هذا لا يعني الاضطرار لأن الله الثالوث مكتفي بذاته كما رأينا في المقال الثاني (أعمال 17: 25)

أسئلة للدراسة والنقاش:

1. ما هي نظرتك لنفسك ولباقي الناس.  هل تتفق هذه النظرة مع الحقيقة الموجودة في الكتاب المقدس؟
2. ما هي نظرة مجتمعاتنا الشرقية للمرأة؟  كيف تشكلت هذه النظرة وهل هي بحسب تعليم الله؟
3. هل فكرت قبلاً أنك مخلوق من أجل المسيح؟  كيف تؤثر هذه الحقيقة عليك؟
4. ما هو رد فعلك للفكرة القائلة إن الله خلق العالم للذته وسروره؟  هل فكرت فيها من قبل؟









No comments:

Post a Comment